نريدها نقابات عمالية لا مجالس قروية .. حاتم قطيش

نريدها نقابات عمالية لا مجالس قروية .. حاتم قطيش


بقلم : حاتم قطيش

22/12/2021

 المجالس القروية هي أحد أشكال الحكم المحلي القديمة والتي جاءت كحاجة لتنظيم شؤون الناس، ولعل ما يميز هذه المجالس كونها لا تعرف الانتخاب والديمقراطية بل يتم تشكيلها بإيعاز من الجهات الرسمية وبالتوافق والتراضي بين العشائر والعوائل، ناهيك عن عدم استشارة عموم الناس بهذا التشكيل أو سؤالهم عن رغبتهم بالارتباط بهذه المجالس؛ انما يجد الناس أنفسهم ممثلين -بغير اختيار منهم- من قبل بعض الأشخاص الذين توافقوا فيما بينهم ومباركة الجهات الرسمية ويطلقون على أنفسهم مجلس قروي!!، ولا يبذل أعضاء المجلس القروي أي جهد في نيل رضى الناس كون وجودهم غير مرتبط برأي هؤلاء الناس بل على العكس فإن الناس هم الذين يتوددون لهم لمعرفتهم المسبقة أن مصالحهم بيد هذا المجلس.

المجالس القروية وبطبيعة تشكيلها تكاد تخلو من الشباب والمرأة حيث يحظى بهذه العضوية أشخاص محددين يتم التوافق عليهم والتجديد لهم اما قناعة بهم وإما مخاجلة وفي كثير من الأحيان ومع مرور الوقت يصبح وجود هؤلاء الأشخاص هو الأساس والطبيعي، وأي مطالبة بتغيير الوجوه أو اعادة التشكيل أو أخذ رأي عامة الناس يصبح غير طبيعياً وخرجاً عن اللباقة ووقاحة في حق أعضاء المجلس!!.

وقد نتفق أن آلية تشكيل المجالس القروية وطريقة عملها يمكن اعتبارها مناسبة لحقبة معينة وظروف معينة ومرحلة مؤقتة؛ وما كان يصلح في في بداية مئوية الدولة الأولى لا يصلح بالضرورة للمئوية الثانية من عمر الدولة.

ان النقابات العمالية كشكل حديث وعصري من أشكال التنظيم المجتمعي ينطلق أساساً على أصول تختلف بالكلية عن المجالس القروية، فهو يؤمن بحرية الناس باختيار من يمثلهم ولا يؤمن بالمحاصصة وبقاء أشخاص محددين يمسكون بزمام القيادة الى ما لا نهاية، بل يعتبر تدوير القيادة أهم ما يميز التنظيمات المجتمعية الحرة.

تتميز النقابات العمالية كونها مستقلة عن الجانب الرسمي فهي التي تضع دساتيرها وتنتخب قيادتها ويكون اتجاه التواصل نابع من النقابات نحو العمال وليس العكس؛ إذ يعتبر اقناع العمال بالانتساب للنقابات العمالية هو التحدي الأكبر أمام هذه النقابات كون الانتساب لها اختيارياً وليس اجبارياً، فتجد النقابيين يتنافسون فيما بينهم للتواصل مع العمال وتلبية احتياجاتهم وتحصيل حقوقهم لمعرفتهم المسبقة أن وجودهم على سدة قيادة النقابات مرتبط بمدى قناعة العمال بهم.

هناك ما يسمى حرية التنظيم النقابي الذي يعتبر الميزان الذي يقيس مدى التزام النقابات العمالية؛ فلا يعقل أن يكون هناك تنظيم مجتمعي يطلق على نفسه أنه نقابة عمالية وثم يتم تشكيله بالتوافق بين أشخاص محددين ويتم مصادرة حق منتسبيه بانتخاب من يمثلهم، وأصبح من غير المقبول أن يتم فرض دساتير أو ما يسمى أنظمة داخلية على بقية الأعضاء بشكل جبري ولا يخضع لأي شكل من أشكال الحوار الاجتماعي، ويتعين على القائمين على النقابات العمالية  مناقشة التقارير المالية والادارية والقرارات التي تم اتخاذها مع جميع المنتسبين، ومن غير اللائق أن تسعى قيادة النقابات العمالية الى ارضاء أصحاب العمل والجهات الرسمية على حساب ارضاء العمال وتحقيق مصالحهم.. ان أي تنظيم مجتمعي يخلو من هذه الأساسيات انما هو أقرب الى مجلس قروي وليس نقابة عمالية.

الكلمة اليوم يجب أن تكون للعمال وخاصة الشباب منهم،  فإن هم يريدوا نقابات عمالية حرة مستقلة يتوجب عليهم النهوض واسترداد نقاباتهم، وان هم يفضلون الحالية وتستهويهم فكرة أن تدار نقاباتهم بعقلية المجالس القروية فليبقوا في سباتهم حتى يهيئ الله للنقابات رجالاً ونساءاً يستحقونها.

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020