بعد قرار اغلاقه من قبل الصحة، العاملون في مستشفى فلسطين دون رواتب لعدة أشهر

الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش

30/12/2021

اشتكى العاملون في مستشفى فلسطين من توقف رواتبهم كاملة للشهرالسابع على التوالي حيث يدفع العاملون ثمن مخالفات فنية و خلافات ادارية بين مالك المستشفى ووزارة الصحة!!

كانت وزارة الصحة قد الزمت المستشفى في شهر شباط الماضي بضرورة معالجة بعض المخالفات في المستشفى وفتح قسم خاص للتوليد، ولكن الادارة امتنعت -بحسب وصف العاملين- عن فتح القسم ليتم اتخاذ قرار "اغلاق" المستشفى والطلب من العاملين المكوث بمنازلهم طيلة فترة الاغلاق التي استمرت حتى شهر تشرين أول.

العاملون في المستشفى معظمهم تجاوز الأربعين والخمسين من العمر ويبلغ عددهم ما يقارب 150 موظفاً من مختلف التخصصات وبسبب توقف رواتبهم لجؤوا الى الضمان الاجتماعي لأخذ مستحقاتهم من بدل التعطل فمنهم من تحصل على هذه المستحقات ومنهم من لم يستطع لعدم استيفاءه للشروط.

دوام كامل دون عمل ولا رواتب

التزاماً بقرارات وزارة العمل تم أخذ قرار اعادة الموظفين الى دوامهم في المستشفى بدوام كامل في موقع العمل ولكن دون تكليفهم بأي عمل كون المستشفى لم يعد يستقبل مراجعين ومرضى حسب قرار وزارة الصحة التي اشترطت ان يتم ازالة كافة المخالفات شرطاً مسبقاً لعودة المستشفى الى ممارسة نشاطه كالمعتاد.

منذ شهر تشرين أول حتى الآن والعاملين يلتزمون بدوامهم الكامل ويدفعون أجور مواصلاتهم للحضور الى موقع العمل في الوقت المحدد ويمكثون كامل الوقت في أروقة المستشفى دون عمل أو بارقة أمل بتلقي أجورهم؛ الأمر الذي أرهق العاملين ذوي الظروف الاقتصادية الصعبة كعمال النظافة حيث يؤكد العاملين أن أحد هؤلاء العمال استجدى مدير المستشفى بصرف راتبه أو جزء منه ليتمكن من اعالة أسرته ولكن مدير المستشفى رفض بحجة عدم قدرة المستشفى على دفع الأجور!!

تطفيش للعاملين وتشديد العقوبات

العاملين الذين عادوا للعمل اصطدموا بواقع توقف أجورهم كاملة والزامهم بالمكوث داخل المستشفى طيلة وقت الدوام دون أي تكليف بأي عمل مما يعني أنهم أصبحوا مقيدين بين انعدام الأجور وعدم موافقة الادارة على منحهم اجازات دون راتب للبحث عن عمل آخر وعدم تمكنهم من البحث عن عمل أصلاً لارتباطهم طيلة اليوم في الدوام داخل المستشفى!!

العاملون اشتكوا من ظروف عمل غير لائقة يتعرضون لها فمن ناحية تم ايقاف كافة وسائل التدفئة مما اضطر بعضهم الى احضار مدفأة خاصة تعينه على قضاء ساعات العمل الطويلة في أجواء المستشفى الباردة، ومن ناحية أخرى يتم تشديد العقوبات على أي شخص يغادر المستشفى أو يتغيب بهدف البحث عن عمل يسد به رمقه ورمق أسرته!!.

 يصف العاملون تصرفات الادارة بحقهم أنها تأتي من باب "التطفيش"، فالادارة لا تنفك عن دعوتهم الى الاستقالة للحصول على كافة مستحقاتهم أما من يمتنع عن الاستقالة فعليه تحمل الأجواء الباردة والتشديد الاداري والصبر على عدم استيفاء رواتبه الى أجل غير مسمى!!!

العاملون في مستشفى فلسطين يجلسون في أروقة المستشفى دون عمل ولا رواتب

أكثر من ثلثي الموظفين لم يحتملوا هذه الظروف ولا يوجد لديهم أي مصدر دخل آخر فاضطروا الى الاستقالة لينضم العديد منهم الى التقاعد المبكر أو الى صفوف العاطلين عن العمل وربما سيتم ادراج أسماء بعضهم في قوائم وزارة التنمية الاجتماعية وقوائم المتعثرين، حيث تقدم أكثر من مائة موظف استقالتهم ليتبقى ما يقارب ثلاثون موظفاً أغلبهم تجاوز عمره الأربعون والخمسون عاماً تقطعت بهم سبل البحث عن وظائف خارج المستشفى بسبب العمر ويصبرون على قسوة الحال على أمل أن تعود اليهم رواتبهم.

معظم هؤلاء العاملين تقدموا بشكوى الى سلطة الأجور ولكن لم يتم أي اجراء حتى هذه اللحظة والوقت يمر والحال يضيق والأمل يتلاشى.

خوري : ملتزمون بحقوق العمال ولكننا لا نستطيع الوفاء بها حالياً

مالك المستشفى ومديره العام الدكتور نصري خوري بدوره أقر بحقوق العمال وأبدى تفهمه لغضبهم ولكنه بذات الوقت اعتبر أن ادارة المستشفى ليست هي المسؤولة عن الأزمة والتي تعاني منها الادارة كما يعاني منها العاملون.

خوري أقر بقسوة ظروف دوام العمال في ظل عدم تشغيل التدفئة مؤكداً أنه يعاني أيضاً في مكتبه مثلما يعاني هؤلاء العمال فهو وفي ظل توقف عمل المستشفى لا يستطيع شراء الديزل لتشغيل التدفئة مؤكداً أن اطفاء التدفئة لا يأتي من باب الضغط على العمال للاستقالة،مؤكداً أنه وقبل قرار وزارة الصحة بإغلاق المستشفى كان قد وقع اتفاقية في شهر نيسان لتحديث المستشفى وانشاء قسم خاص للولادة على اثر زيارة لجان الوزارة الى المستشفى في شهر شباط وابداء بعض الملاحظات والمخالفات التي تستلزم المعالجة والتحديث، ولكن الوزارة لم تمهله الوقت الكافي لمعالجة هذه المخالفات فبعد توقيع الاتفاقية بعشرة أيام تفاجأ بقرار وزير الصحة اغلاق المستشفى بناءاً على الملاحظات والمخالفات التي تمت الاشارة اليها في شهر شباط.

بحسب خوري فإن الغاء قسم الولادة ونقل قسم الكلى من موقع الى موقع داخل المستشفى دون اذن وبعض الخلل في نظام الإنذار لجهاز التخدير وبعض الملاحظات الصغيرة الأخرى كانت هي الأسباب الموجبة لإغلاق المستشفى؛ ومع اقرار خوري بهذه الملاحظات والمخالفات إلا أنه أكد أنها لا ترقى الى اتخاذ قرار اغلاق المستشفى ودون اخطار أو امهال!!

الدكتور صبري سامي خوري مالك ومدير مستشفى فلسطين

اعتراضات وتعهدات دون جدوى

خوري سارع الى مقابلة وزير الصحة معترضاً على قرار اغلاق المستشفى ليكون رد الوزير أنه يلتزم بتوصيات اللجنة المختصة، ثم قام خوري باتخاذ بعض الاجراءات لضمان اعادة تشغيل المستشفى كعمل اتفاقية مع مستشفى الأمل لاستقبال حالات الولادة حال ورودها بالاضافة الى كتابة تعهد بفتح قسم الولادة بشرط اتخاذ قرار التشغيل والامهال لمدة ستة أشهر لتنفيذ التعهد، ولكن وزارة الصحة أصرت على ضرورة معالجة كافة المخالفات قبل الفتح، الأمر الذي اعتبره خوري مخالفاً لقانون الصحة العامة كون قرار الاغلاق جاء مباغتاً ودون اخطار ولا امهال ولا يمكن اعتبار المخالفات المشار اليها تستوجب اجراءات عاجلة للحفاظ على الصحة العامة!

وتلزم الفقرات (أ،ب،ج) من المادة 11 من قانون الصحة العامة توجيه اخطارات وامهال للمستشفيات المخالفة قبل اتخاذ قرار الاغلاق اذا كانت هذه المستشفيات لا تقدم خدماتها وفقاً للقانون، بينما تتحدث الفقرة (د) من ذات المادة عن امكانية اتخاذ الوزير لقرار الاغلاق الكلي أو الجزئي دون توجيه اخطار اذا كانت المخالفات تستوجب اجراءات عاجلة للحافظ على الصحة العامة ولا يسمح لها بالعودة الى العمل الا بعد ازالة أسباب المخالفة.

رمزية المستشفى وارتباطها بوجدان الأردنيين

يرتبط اسم المستشفى بالراحل الحسين بن طلال الذي افتتحه في العام 1960، كما يرتبط باسم الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الذي ولد في المستشفى، ما يجعل العاملين يشعرون بانتماء مختلف للمستشفى ويرتبطون به وجدانياً وعاطفياً ويحمّلون الادارة مسؤولية اخلاقية ووطنية اضافية  وعدم تقبل التقصير بالوفاء بالتزامات الادارة نحو العاملين.

بدوره الدكتور نصري خوري مالك المستشفى أكد أن المكانة الخاصة للمستشفى كانت دوماً دافعاً نحو ارساء علاقات طيبة مع العاملين مؤكداً أنه وعلى طيلة خمس وثلاثين عاماً ادار بها المستشفى ربطته علاقات مميزة ودافئة مع جميع العاملين.

ويتفق العاملون ومالك المستشفى على ضرورة أن تشفع رمزية المستشفى بضرورة سعي جميع الأطراف الى حل الأزمة وتذليل العقبات واعادة تشغيل المستشفى واستئناف دوره في تنمية المجتمع والمساهمة في محاربة البطالة لا أن يكون سبباً في زيادة أرقام البطالة والتقاعد وربما ازدياد أعداد المتعثرين أيضاً!!