1/2/2022
أكدت الأديان السماوية مجتمعة إلى التمسك بالأخلاق الفاضلة، مما دفع العديد من ذوي الاختصاص في العلوم الاجتماعية والنفسية والسلوكية للحديث عنها بحكم ارتباطها بمنظومة القيم والمبادئ والمُنظمة للسلوك الإنساني والتي تحرك الإنسان نحو السمو بفكره وسلوكه وأفعاله نحو الفضائل الأخلاقية. ويرى هؤلاء المختصون أيضاً بإنها المحدد الرئيس لعلاقة الإنسان بغيره سواء على الصعيد الشخصي، أو الوظيفي، أو المجتمعي.
ونحن جميعاً نتفق على أن العمل بالاخلاق الفاضلة بصورها الجميلة لها العديد من الإنعكاسات الطيبة على نفوسنا في مختلف مناحي الحياة والتي نعتقد بإنها هي الخيار الوحيد لتأهيل الإنسان الفرد والمؤسسات والمجتمع لأعلى مراتب السمو والتحضر والرقي الإنساني والمحمل بالقوى الروحية والمعنوية والدينية إينما وجد، والصور والأمثلة التاريخية والمعاصرة نجدها كثيرة.
ومن هنا أدرك فلاسفة علم الإدارة على أن الأخلاق بإبعادها وغاياتها هي الأساس في بناء القيم والمبادئ والتعليمات والأنظمة والخطط الاستراتيجية للمؤسسات في مختلف القطاعات والتي أصبحت تعمل على إشهارها علانية للمجتمع الداخلي والخارجي لقناعاتها بإنها هي المفتاح الحقيقي نحو الرقي والتغيير والسمو السلوكي والروحي لجميع العاملين وعلى مختلف المستويات الوظيفية مع الحرص والتأكيد المستمر على تلك المرتكزات لضبط مجمل السلوكيات الفردية والجماعية نحو غايات وأهداف تتطلع إلى تحقيقها.
ونعلم جميعاً بإن الأخلاق ليست مفاهيم نسمعها أو نقرأ عنها هنا وهناك لا بل هي بوصلة توجيهيه نحو التخلص من رواسب السلوك العبثي والمنافي للأخلاق الفاضلة ومن صورها الكذب والدهاء، وعدم المساواة وعدم العدالة، وغياب الشفافية، والحقد، والكراهية، وإستغلال المنصب لمكاسب شخصية، وتصوير الأخرين بالعدائية، والتقصير والتهميش، والتسلق، والمحاباة، والوشاية الشريرة، والشللية والصور كثيرة والتي أصبحت من أدوات هدم البناء المؤسسي ناهيك عن الأداء الوظيفي الرجعي، وهذا كله بحكم الابتعاد عن الأخلاق الفاضلة والقيم والمبادئ التي تنادي بها حاكمية المؤسسات والتي من المفترض أن تكون القاعدة الأساس في العمل المؤسسي كبوصلة تقود المؤسسات نحو النجاح.
إن الابتعاد عن منظومة الأخلاق في العمل المؤسسي لها عواقب كثيرة ومن أهمها فقدان الاخلاص والتفاني والذين نعتقدهما من أهم مقومات الاصلاح والتطور والتحضر والرقي في كل مفاصل الحياة الوظيفية ناهيك عن الرضا وحسن التعامل والمعاملة النابعة من الاحترام الصادق والراسخ بين الجميع. وعليه نرى بإن فاتورة النجاح والسمو تكمن في أخلاقيات العمل المؤسسي والتي تتطلب من حاكمية المؤسسات ترسيخ منظومة الاخلاق الفاضلة إيماناً منها بقيمها ومبادئها وبترجمة حقيقية على أرض الواقع لتكون أمراً واقعياً وليست شعارات تعبيرية أو إنشائية، والتخلص من مواطن السلوك الفاسدة والمزيفة بفكرها وتوجهاتها، وتطبيق مبدأ العدالة والمساواة والمسألة، ومتابعة حالات التذمر والتحيز لتشخيصها وإذابة أسبابها، والوقوف على مجمل السلوكيات المنافية لمنظومة الأخلاق المؤسسية وأدابها للعمل على تعزيز السلوك الايجابي مع طرح المعالجات ضمن آطر مؤسسية ، وربط منظومة الأخلاق بالأداء الوظيفي. وعليه سنجد بإن المؤسسات قد أستطاعت أن تتجاوز إحدى أهم حلقات المعاناة بسبب غياب منظومة الأخلاق في العمل المؤسسي، لا بل سنجد أن المؤسسات قد بدأت تتجه نحو الرقي والسمو ليكون لها هوية مؤسسية لها تفتخر بها بالعلن، وأختم بقول أمير الشعراء أحمد شوقي حين قال "وإنما الأمُم الأخلاق ما بقيت فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهُبوا".
إرسال تعليق