الحماية الاجتماعية في موريتانيا

الحماية الاجتماعية في موريتانيا


حدمين اعمرفال
4/4/2022

تشكل الحماية الاجتماعية مسألة بالغة الأهمية نظراً أن موريتانيا كسائر البلدان التي تسعى  أن تكون لديها حماية إجتماعية نوعية ومثالية فإنه بات من الضروري وجودها وبشكل يسمح للجميع الاستفادة منها إضافة إلى تدنى القوة الشرائية و الدخل لدى الفرد و نظراً لكل هذا تبقى الحماية الاجتماعية دون المستوى المطلوب لا تغطي الحاجة المطلوبة من المواطنين و خاصة بعض الموظفين و العاملين في القطاعين العام والخاص الذين تتدخل الحماية الاجتماعية فيهما ويدخل في ذلك نظامان للضمان الاجتماعي.

نظام الضمان الاجتماعي لصالح بعض العمال العامين وعمال القطاع شبه العام والخاص يسيره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا يزال نظام الضمان الاجتماعي في شكله الحالي يسير بموجب القانون67/039 بتاريخ 3 فبراير 1967 المنشئ لنظام الضمان وجدير بالذكر أن هذه القوانين المسيرة للضمان الاجتماعي شهدت تعديلات ومراجعة على مدى العقود الماضية و لكن كان ذلك شكليا و ليس في الجوهر الاجتماعي لذلك تعتبر الحماية الاجتماعية حقا يجسد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن ويعزز الوئام الوطني عبر عدد من الإجراءات وآليات التضامن الاجتماعي من منطلق العدالة والإنصاف كما ينظر إليها كأداة أساسية في البلدان ذات الدخل المحدود ، لحماية الفئات الأكثر فقرا في حالات الأزمات ولتراجع الفقر ودعم مسار تنموي اجتماعي واقتصادي. وقد ابرزت العديد من الدراسات التي تناولت البلدان السائرة في طريق النمو كيفية قيام الحماية الاجتماعية بهذا الدور.

وتغطي الحماية الاجتماعية العديد من الأبعاد التي يكمل بعضها البعض كالدفاع عن الحقوق والتنمية البشرية والنمو الاقتصادي والديمقراطية والأمن. كما تشكل جزءاً هاماً من الجهود الرامية إلى تخفيف الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والغذائية ومنع حدوث صدمات غير أن أوجها مختلفة من الحماية الاجتماعية لم تؤخذ بعين الاعتبار في العديد من السياسات والبرامج واستراتيجيات التنمية القطاعية ولم توفر لها أسباب النجاح لانعدام تضافر الجهود. 
ولتلافي مكامن النقص وفي هذا السياق، التزمت الحكومة بإعداد هذه الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية معتمدة بذلك على قيم التضامن الوطنية ومبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطنين والمواطنات. وتتضمن هذه الإستراتيجية رؤية وآفاقا بعيدة المدى لقيام منظومة متجانسة ومندمجة للحماية الاجتماعية مع التركيز على الأهداف وأولويات العمل والآليات التي تضمن اتخاذ إجراءات متميزة عبر برامج عمل ملموسة تنتظم حول مجموعة من المحاور ذات الأولوية ويكمل ذلك خطط عمل مفصلة لكل محور كما أن الحماية الاجتماعية هي التوجه الدولي العالمي في الوقت الراهن ولديها اهتمام كبير ومتزايد من طرف المنظمات الاجتماعية وخاصة المكتب الدولي للشغل والكونفدرالية النقابية الدولية بالإضافة إلى الأمم المتحدة نظرا لضرورة ترقية الحماية الاجتماعية وحث الدول على أن تعطي العناية اللازمة للحماية الإجتماعية لذلك هذا التوجه يعتبر قوي وتدعمه أطراف دولية تهتم بالموضوع. أما الوضعية هنا فلا زالت دون المستوى ، و وتحتاج إلى دعم وإرادة جادة بالرغم من الأصوات المطالبة بإجراءات ملموسة في ميدان الحماية الاجتماعية، تفيد بعض المصادر أن الحكومة قامت ببعض من المبادرات والإجراءات منذ سنة أو سنتين تهدف إلى تحسين الصورة على مستوى الحماية الاجتماعية وذلك عبر إطلاق برامج تنموية لصالح بعض المواطنين بموجبه يستفيد من التغطية الاجتماعية والتغطية الصحية بشكل دائم بالإضافة إلى مخصصات اجتماعية لهذه الأسر(مالية) ، إلا أن هناك جانب واسع النطاق وهو جانب الحماية الاجتماعية على المستوى الرسمي مثل صندوق الضمان الاجتماعي والمتقاعدين هذا الموضوع بالذات تضيف بعض المصادر أنه بحاجة إلى تحسين جيد لأن الأكثرية المتقاعدة هم الموظفون الأوائل الذين عملوا من بداية استقلال البلاد تمت إحالتهم إلى التقاعد بعد ذلك وأجورهم ضعيفة وتحتاج إلى زيادة وتحسين حيث الموظفين الذين عملوا من الستينات و تقاعدوا معاشاتهم لا تتماشى ولا تلائم الظرفية الحالية والمشكل الكبير يتمثل في أن الاكثرية الساحقة من عمال القطاع الخاص لا يستفيدون من التغطية الاجتماعية و لا حتى من الحق في التقاعد و أجورهم متدنية، علما بأن الحد الأدنى للأجور هو 32000 ألفا أوقية وهذا بحد ذاته لا يساوي شيئا بالنسبة لمواجهة القوة الشرائية ومواجهة التحديات الكبيرة المطروحة أمام المواطنين بشكل عام والنقابات، خاصة الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا CLTM في السنوات الأخيرة وخاصة السنة الفارطة وهذه السنة عملت بكل جهدها اتجاه الحكومة من أجل أن تأخذ إجراءات حقيقية ملموسة على مستوى صندوق الضمان الاجتماعي لزيادة أجور المتقاعدين وكان من المفروض أن تتم مضاعفة تلك الأجور الخاصة بالمتقاعدين خلال المفاوضات التي جرت بين الشركاء الاجتماعيون والتي صدر عنها محضر اتفاق بزيادة 100% في معاشات التقاعد لكن تم التقاعس عن ذلك سنة 2020 ،السنة الفارطة ولا زال الموضوع مطروحا ومحل اهتمام بالنسبة لنا على طاولة ونعمل من أجل أن تقبل الحكومة وارباب العمل المقترحات التي تقدمنا بها و ما تم الاتفاق عليه ويتم تطبيقه، وتشير بعض المصادر بأن المخصصات الخاصة بالأطفال على مستوى صندوق الضمان الاجتماعي ضعيفة للغاية، ومنذ عقود لم تشهد أي تحسين لرفع مستواها ، وهذا من الأمور التي جعلت الحماية الاجتماعية تحتاج إلى تطوير وتحسين .

فضلا عن ذلك يعتبر صندوق الضمان الصحي الذي يتولى تسيير التغطية الصحية بأنها غير شاملة الشيء الذي أدى أن الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا تطالب بأن تكون التغطية الصحية شاملة ،وهذا العدد محدود في الوقت الذي يشهد فيه هذا المجال هشاشة كبيرة ووضع اجتماعي صعب جدا يعيشه المتقاعدون والعديد من فئات المجتمع الذين هم بحاجة ماسة للحماية الاجتماعية ، وحسب بعض المصادر النقابية المهتمة بالشأن ذاته فإن ماتم القيام به من طرف الحكومة لا زال يحتاج إلى الزيادة الكبيرة والمعتبرة ، نظرا للمشكل المطروح .

أما على الصعيد الدولي فهناك دراسات واستراتيجيات قيد الدراسة لكيفية الحصول على بعض مصادر التمويل الخاصة بالبرامج ذات الأهداف التنموية التي تساهم بشكل كبير في الحماية الاجتماعية سواء على المستوى العام أو الخاص ، ومن هذا المنطلق تعتبر طريقة البحث عن خطط واستراتيجيات تمكن الحماية الاجتماعية من الحصول على تمويل برامج لصالح الفئات المجتمعية الهشة والمحتاجة أمر هام جدا ،كما أن واجب الدولة والحكومات وأرباب العمل التفكير في طريقة الحصول على مصادر تمويل خاصة بالحماية الاجتماعية حتى تشمل أكبر عدد ممكن من فئات المجتمع الهشة وذات الاحتياج، وحسب بعض المصادر فإن السنوات الأخيرة شهدت تهاون أو تهرب من إعلان العمال لدى صندوق الضمان الاجتماعي حتى تتم الإستفادة من تلك الفرص وأصبح جزءا كبيرا من العمال لدى المؤسسات والشركات غير معلنين وبلاعقود عمل ولا شيء يضمن لهؤلاء الولوج للحماية الإجتماعية هنا تدخلت الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا CLTM ووجهت رسائل واصدرت بيانات إلى الجهات المعنية من أجل إرغام هذه المؤسسات والشركات على احترام القانون الضامن لحقوق العمال في الحماية الاجتماعية والتقاعد الشيء الذي أدى إلى أن فقد هؤلاء العمال للحماية سواء منهم الموجود في العمل أو في القطاع الغير مصنف وهذه وضعية واسعة النطاق وتشكل أمرا غير مريح نظرا لحجم الوضعية في جميع المؤسسات وفي العمومية منها وهو ما يردنا إلى أن بعض العمال بدون عقود عمل ولا مقررات عمل وهذه الفئة من العمال محرومة من حق التقاعد وكذا حق الاستفادة من صندوق الضمان الاجتماعي كما يحرم أبنائهم من التغطية الاجتماعية .

وبشكل عام تعتبر بلادنا إلى مزيد وتحسين من ناحية الحماية ويؤكد ذلك ضعف الأجور والاستفادة من حق التقاعد ،عدد محدود وأغلبية العاملين الغير معلنين لدى صندوق الضمان الاجتماعي وحسب القانون رقم 67/039 الصادر بتاريخ 3/فبراير/1967 المنظم لمستحقات العامل في مجال الضمان الاجتماعي فإن العامل يستفيد من حوادث العمل ، مثل الأمراض المهنية ، استفادة الاسرة في حالة الولادة (منحة الولادة)، استفادة الأبناء القاصرين وفي سن التمدرس من منحة مالية من كل ثلاثة أشهر تدفع لهم ،وفي حالة التقاعد يستفيد من حقه في التقاعد . وفي ما يتعلق بالنساء العاملات المصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي عندهن نفس الاستفادة التي حصل عليها الرجال ولكن لهن خاصية يمتزن بها وهي حصولهن على عطلة معوضة مدتها أربعة أشهر عند الولادة ،وفي فترة الرضاعة يستفدن من ساعتين للنهار، زيادة على ذلك فإن النساء كن اقل من الرجال في سن التقاعد والآن تمت تسوية هذه الوضعية حيث اصبحت الامتيازات متساوية بين الجنسين، يعني 63 سنة من العمر صاحبها يستفيد من حق التقاعد من كلا الجنسين أو إذا خدم 35 سنة ولم يصل عمره 63 سنة يستفيد أيضا من حق التقاعد، وفي ما يخص بالجهود التي تقوم به المركزيات النقابية هي أنهم منذ زمن طويل يطالبون بتغيير هذا القانون من اجل تحسين ظروف العمال لا سيما أن هذا القانون هو الوحيد الذي تم سنه في البلد وهذا من الستينات والواضح منه أنه لا يتماشى ولا يلائم الظرفية الحالية للشغيلة لا على المستوى الوطني ولا على المستوى العالمي، مما أدى إلى أن النقابات العمالية ما زالت تطالب وتكافح من أجل تغيير وتحسين ظروف العمال، وحسب المطالب والجهود المبذولة من طرف النقابات مع الشركاء الاجتماعيون فالوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من الحصول على نتيجة هي الحوار الاجتماعي، وللتذكير فإن آخر مرة توافق الحكومة الموريتانية على حوار اجتماعي كانت 2015 وتم افتتاح هذا الحوار من طرف الوزارة الوصية وبحضور جميع الشركاء الاجتماعيون، وتمت جدولة الأعمال وتشكيل اللجان الفنية من الأطراف المشاركة في الحوار ومنذ ذلك الوقت حتى اللحظة لم يتم أي محضر ولم تحصل نتيجة والسبب يعود لغياب الإرادة الجادة من طرف الحكومة وأرباب العمل.

وفي الجانب النسائي أيضا تقول إحدى النقابيات بأنها لاحظت حصول بعض الخطوات الإيجابية فيما يخص النساء بشكل مستمر عند حالات الولادة القيصرية والولادة الطبيعية والولادة المستعصية وحسب وجهة نظرها فإن هذه الخطوة مهمة وايجابية نظرا لانعكاسها على القطاع الغير مصنف ولكن تحتاج تلك الخطوات إلى زيادة وتحسين ظروف النساء كما طالبت أن تشمل الحماية الاجتماعية مرضى السكر والضغط إلخ..

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020