حاتم قطيش - "رنان"
31/7/2022
من أكثر المهن رواجاً هذه الأيام هم خبراء التجميل حتى أنهم يوصفون على أنهم فنّانون، فمن يشتغل في هذا المجال يجب أن يتمتع بمهارة عالية تمكنه من تحسين وتجويد المظهر الخارجي للأشخاص لتتلاءم مع ما تستلطفه وتحبه عيون الناس، وقد تتجلى مهارة هؤلاء الفنانون في مجال السينما والتلفزيون فبعضهم من المهارة بمكان بحيث يتمكن من تحويل كل شخص قبيح ذميم مشوه الى شخص لطيف جميل "كيوت"، كما يمكنهم تحويل بعض الأشخاص ذوي الأشكال اللطيفة الى وحش بملامح عنيفة تفر منهم النفوس السليمة، وأنا هنا لست بصدد مهاجمة هذا النوع من الفن أو اظهاره بمظهر سلبي على الإطلاق فلا شك أن بعض خبراء التجميل نجحوا في تحسين حياة بعض الناس وساهموا في ادماجهم في المجتمع وساهموا في تطور فن التمثيل وجعله أكثر اقناعاً.
الكثير من الناس متصالحون مع أنفسهم ومتقبلون لها ولا يرغبون بمظهر غير مظهرهم حتى وإن كان أجمل ويتعاملون مع بعض المظاهر الخارجية التي يصفها الناس بالعيوب على أنها علامات فارقة تميزهم عن غيرهم فهؤلاء يكفيهم أنهم اذا نظروا للمرآة تعرفوا على ملامحهم ووجدوا مظهراً خارجياً يشبههم من الداخل، أما البعض الآخر فهم إما يسعون الى الكمال في المظهر واخفاء بعض "العيوب" وتحسينها وتجميلها وإما أنهم كرسوا أنفسهم لتحري ما يحبه الناس وتستحسنه عيونهم فيلجؤون الى خبراء التجميل ليغيروا من مظاهرهم الى الشيء الذي يرغبه الناس ويحبون رؤيته.
النقابي العمالي هو شخص يعيش معاناة العمال ويعرف احتياجاتهم مهمته اظهار هذه المعاناة والحالة البائسة والظروف غير اللائقة التي يعيشها العمال ويقدمها للرأي العام والمسؤولين ويناضل لتصويبها وتعديلها، كما أنها يواجه العمال بحقيقة الثغرات التشريعية التي تحول بينهم وبين حقوقهم وبممارسات بعض المسؤولين وأصحاب العمل بل وبعض القادة النقابيين أيضاً الذي يتعنتون في انصاف العمال ومنحهم حقوقهم .. هذا هو الدور الحقيقي للنقابي المخلص، وفي الوقت الذي يبدأ هذا النقابي "بتجميل" أو قل تزييف الواقع العمالي ليظهر بشكل يرضي المسؤولين " وما بزعلهم " وتقديمه للناس بشكل جميل يحبونه؛ فإنه بذلك يتحول من نقابي الى خبير تجميل، وفي الوقت الذي يبدأ هذا النقابي بإيهام العمال أن مطالبهم تتعارض مع التشريعات استناداً لرأي أو تفسير موظف حكومي للنص القانوني فيوهم العمال بعدم مشروعية مطالبهم فهو بذلك أيضاً يتحول من نقابي الى خبير تجميل؛ فالتشريعات يجب أن تتعدل وتتطور لتلبي احتياجات العمال لا أن يتم ترويض العمال للقبول بها حتى وان كانت غير منصفة.
من المؤسف أن يتحول النقابي الى خبير تجميل يعمل عند من هو أعلى منه فيكرس علاقاته ومهاراته في التواصل مع العمال ويظهر لهم صورة غير حقيقية عن الواقع النقابي المتردي، ومن المؤسف أيضاً أن يتحول هذا النقابي الى خبير تجميل مهمته تحسين صورة بعض القادة النقابيين الأعلى منه الذين تربطه بهم مصالح شخصية؛ بل ويسعى جاهداً الى تشويه صورة كل من ينتقد أداء هؤلاء القادة النقابيين.
إرسال تعليق