تخفيض الرواتب

تخفيض الرواتب


محمود الخطاطبة
11/8/2022

فاتورة رواتب موظفي الأجهزة الحُكومية، على اختلاف أذرعها ودوائرها، تُقارب الـ550 مليون دينار شهريًا، أي ما يُعادل 6.6 مليار دينار سنويًا، وهو رقم يُعتبر مُكلفا ومُرهقا جدًا، على ميزانية دولة كالأردن.
قيمة الرواتب السنوية تُعادل ما نسبته 54.2 % من مُجمل ميزانية الدولة الأردنية للسنة المالية 2022، والبالغة 12.181 مليار دينار، ذلك في الوقت الذي تبلغ فيه ميزانية الهيئات المُستقلة نحو 1.7 مليار دينار، أي ما نسبته حوالي 14 % من «الميزانية».

تلك أرقام ونسب، أحببت أن أضعها بين يدي القارئ والمُتابع، كي تكون مدخلًا لما أود أن أطرحه في هذه الأسطر، التي تتمحور على فرضية مُقترحة تتضمن «تخفيض» قيمة الرواتب.. ولكن ليس على كل الفئات، بل ستكون مُقتصرة على فئة مُعينة أو على الأكثر فئتين فقط.

قد يعتبر البعض ذلك «ضربا من الجنون»، إلا أن الكثير يعلم بأن الأوضاع المالية والاقتصادية في الأردن صعبة جدًا، خصوصًا في ظل ما تمر به المنطقة، لا بل العالم أجمع، من أزمات وحروب وانتشار أوبئة.. احتمالية أن تزداد الأوضاع صعوبة أكثر، واردة جدًا، وبالتحديد في بلد كالأردن، الذي يُعاني من مُعدلات فقر مُرتفعة، ونسب بطالة وصلت إلى مرحلة «الخطر»، ناهيك عن التضخم الحاصل في الأسعار، وتآكل الرواتب والأجور.

على الرغم من عدم وجود أرقام أو إحصاءات رسمية واضحة عن عدد أولئك الموظفين، الذي يتقاضون رواتب شهرية تتجاوز الـ1500 دينار، سواء أكانوا يعملون في أجهزة الحُكومة المُختلفة، أو شبه الحُكومية، أو الهيئات والمؤسسات المُستقلة، إلا أنه بالاستطاعة معرفة قيمة رواتب هذه الفئات، والتي تبلغ نحو 75 مليون دينار، الأمر الذي يعني أنهم يتقاضون ما يقرب من الـ900 مليون دينار سنويًا، تُشكل نسبة 7.4 % من مجموع الميزانية العامة للدولة.

وعندما يقول البعض بأن هذا الرقم مُبالغ فيه، فالرد عليه يقول بأن هناك موظفين يتقاضون أكثر من ذلك وبكثير، خصوصًا إذا ما تم جمع ما يتقاضونه من بدلات أخرى، منها على سبيل المثال: التنقلات والمكافآت والحوافز والمُشاركة في لجان.

مبلغ الـ900 مليون دينار، قد يكون في نظر الكثير قليلا جدًا، ولكنه في بلد كالأردن مُرتفع، لا بل مُرتفع جدًا، ومُبالغ فيه، خاصة إذا ما علمنا بأن 75 % – 80 % من العاملين في القطاع الحكومي يحصلون على راتب شهري يتراوح ما بين 450 و550 دينارا، في ظل خط فقر قدرته الجهات الرسمية بـ550 دينارا، فيما تؤكد جهات مُستقلة بأنه يصل إلى 800 دينار.

وقد يقول آخرون بأن الراتب الشهري لأي موظف، أصبح حقًا مُكتسبًا، يضمنه القانون، لا يجوز الاقتراب منه.. نعم ذلك كلام سليم، لكن عندما يتعلق الأمر بتوفير مبلغ مالي، يستفيد منه أفراد الشعب، أو يُستغل لإنشاء مصنع أو شركة تعمل على توظيف العاطلين عن العمل، أو لسداد قروض أو ديون دولية، فإن ذلك يكون مُباحًا ومطلوبًا.

وفي حال احتاج إلى قانون أو تعديل على ما هو «موجود»، فذلك من أسهل الأمور في وطني (الأردن)، وهُناك أمثلة كثيرة على ذلك، كان آخرها العام 2020 عندما تم تخفيض رواتب رواتب الوزراء والنواب والأعيان وكذلك رؤساء الجامعات ومجالس المفوضين والهيئات 30 %، وإيقاف العلاوات التي أقرتها الحكومة، وذلك إثر جائحة فيروس كورونا.

وإذا كان ذلك من المُستحيلات، فعلى الأقل هذه دعوة لتخفيض رواتب رؤساء وأعضاء السلطات: التنفيذية والتشريعية والقضائية، وكذلك كبار الموظفين، في القطاع الحُكومي أو الهيئات المُستقلة.(الغد)

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020