حزب للعمال وآخر للعمل، استجابة لحاجة العمال أم ازدحام غير مبرر

 

حزب للعمال وآخر للعمل، استجابة لحاجة العمال أم ازدحام غير مبرر

حاتم قطيش -  رنان

15/8/2022

في غمرة الجلبة والحراك والحديث عن التوصية بإلغاء وزارة العمل في ظل صمت شريحة واسعة من النقابات العمالية والنقابيين العماليين، نتابع انخراط فئات جديدة الى ساحة الدفاع عن الحقوق العمالية من خلال تشكيل أحزاب تحمل على عاتقها الاهتمام بقضايا العمل والحقوق العمالية بشكل خاص.

وزراء ونواباً وحكاماً اداريين سابقين بالاضافة الى شخصيات مجتمعية تداعوا فيما بينهم وأعلنوا تشكيل حزب العمل معرفين عن أنفسهم أنهم حزب أردني سياسي اجتماعي اقتصادي برامجي‏‎ يتبنى الدفاع عن قطاعات العمل والعمال وتوفير فرص عمل للشباب، من جهة أخرى قرر أعضاء حزب أردن أقوى تغيير مسمى حزبهم ليحمل اسم حزب العمال.

لست بصدد الحكم على هذه الأحزاب أو غيرها من المهتمين في الشؤون العمالية ولا يهمني البحث عن نواياهم ومآربهم، ولكن دعونا ننظر للأمر من زاوية أخرى؛ فاهتمام العديد من مؤسسات المجتمع المدني والشخصيات النقابية والقانونية والحقوقية بالاضاف الى بعض الكيانات والفعاليات العمالية غير الرسمية وتوجه "السياسيين" لرفع شعار العمل والعمال كعنوان لأحزابهم ونشاطهم ليدلل على أن القضايا العمالية هي أرض خصبة لكل من يريد حمل لواء الدفاع عن الحقوق والحريات، بغض النظر عن نوايا هؤلاء جميعاً الا انهم اجمعوا أن الحقوق العمالية يتم التعدي عليها وظروف العمل لم تعد ظروفاً جاذبة ولائقة وأن الأجور ليست عادلة وأن المرأة والشباب يتم اقصاؤهم من قيادة العمال والدفاع عنهم .. اذاً مهما اختلفت نوايا الحاملين للواء الدفاع عن الحقوق والقضايا العمالية الا ان الجميع يدرك أن حجم الانتهاكات كبير وأن العمال بالفعل ليسوا بخير ولا يوجد سند حقيقي لهم.

لا يجوز النظر لكثرة المنخرطين في الدفاع عن الحريات والحقوق العمالية أنه أمر سلبي وأن كل جهة تحاول استئثار وتصدر المشهد؛ فإذا ما اتفقنا أن حجم الانتهاكات كبير فلنتفق أيضاً أننا بحاجة الى توسيع دائرة الدفاع عن الحقوق العمالية، ولننظر الى كل شخص أو جهة أو نقابة أو حزب يدرك أهمية القضايا العمالية فيتخذ منها عنواناً له ويعرف نفسه كمدافع ومنافح عنها؛ أقول فلننظر الى ذلك أنه ضرب من ضروب التنافس الشريف المحمود ولنبحث عن نقاط الالتقاء فنقويها ونعززها وليعِن بعضنا بعضاً على ما  اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضاً على ما اختلفنا فيه، المهم أن يكون لكل جهة رأي حر وخطاب واضح لا أن يرتضوا لأنفسهم أن يكونوا لسان غيرهم!!

ان ما يحدث من انخراط جهات جديدة الى ساحة الدفاع عن الحريات والحقوق العمالية انما هو نتيجة طبيعية لانكفاء بعض النقابات والقيادات العمالية وتقاعسها عن القيام بواجبها في الدفاع عن الحريات والحقوق النقابية فتركت مكانها الريادي واستحسنت الركون والاستراحة والابتعاد عن بؤرة الحدث، ولكون الطبيعة لا تقبل الفراغ فمن الطبيعي أن يتقدم غيرهم لحمل لواء الدفاع عن الحريات والحقوق العمالية ويقدموا أنفسهم لقيادة هذا المشروع ومن حق العمال أن يتفاعلوا مع الجهة التي يرونها تعبر عنهم وتنطق بلسانهم ولا تخاف من حمل قضاياهم ولا تجامل في حقوقهم.

الغريب في الأمر أن بعض من يقدمون أنفسهم على أنهم الأوصياء الحصريون على العمال لا يريدون فقط احتكار هذه الوصاية "غير المستحقة" ؛ بل يشككون في كل من يتقدم الى ميدان العمل ويقوم بواجبه تجاه العمال والحريات النقابية، والحقيقة أن الجميع يتقن التنظير ورفع الشعارات والحديث عن البطولات، اذن فلنترك للميدان مهمة التمحيص والاختبار..  فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.





إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020