الضمان الاجتماعي في عين العاصفة

الضمان الاجتماعي في عين العاصفة


م. سميح جبرين 
11/8/2022

برغم كل التصريحات الصادرة عن مؤسسة الضمان الاجتماعي والتي تفيد بأن مالية الضمان بوضع مريح، فأنا أرى بأن هذا الكلام قد يكون صحيح لفترة زمنية لا تتجاوز الخمسة سنوات على أبعد تقدير ، وهذا الكلام ليس اعتباطياً ، وإنما مسنود بأرقام لا تكذب، فلقد بلغت قيمة فاتورة الرواتب التقاعدية الشهرية 126 مليون دينار، وهذه القيمة قابلة للزيادة من شهر لآخر تبعا للارتفاع الصاروخي بأعداد المتقاعدين.
الفاتورة السنوية للرواتب التقاعدية تفوق المليار والنصف دينار، والأصل هنا أن تكون هذه الفاتورة مغطاة من قيمة العوائد السنوية على مجمل الاشتراكات التي قبضتها مؤسسة الضمان عن المشتركين اللذين تمَّ إحالتهم على التقاعد، أي أن فاتورة التقاعد يجب أن تشكل نسبة محددة من مجمل عائدات استثمار أموال الضمان .

السؤال الذي يطرح نفسه هنا، كم هي قيمة عوائد الضمان السنوية من مجمل أداوات الاستثمار التي تخوضها المؤسسة، وهل فعلاً تقوم هذه العوائد أو جزء منها بتغطية الفاتورة التقاعدية؟ .

أورد هنا مثال على العجز الكبير ما بين فاتورة الرواتب وعائدات الضمان خلال أول ثلاثة شهور من العام الحالي، فلقد كانت فاتورة الرواتب تقترب من قيمة 330 مليون دينار خلال الثلاثة شهور الأولى، في حين كانت عائدات الاستثمار لمجمل أموال الضمان وخلال نفس الفترة تعادل 180 مليون دينار ، ولاحظوا هنا بأن العوائد كانت على مجمل أموال الضمان، وليست على جزء منها يعادل مجمل اشتراكات من تمَّ تقاعدهم.

ثم نأتي لموضوع آخر مقلق من جملة مواضيع مقلقة لا مكان لحصرها هنا، وأتحدث هنا عن الاجتهادات في رفع الحد الأدنى لرواتب التقاعد، فهذا اجتهاد يخلّ بالمعادلة الأساسية لحسبة الرواتب التقاعدية، فلا يجوز لمؤسسة الضمان أن تتصرف بأموال المشتركين كما يحلو لها، وترفع الرواتب التقاعدية المتدنية على حساب أموال بقية المشتركين، فلكل مجتهد نصيب، ولقد كان نصيب بعض المتقاعدين قليل، تبعاً لقلة اشتراكاتهم الشهرية بالضمان، وإذا كان لا بد من زيادة رواتب المتقاعدين التي تقل عن 200 دينار، فهذا الواجب يجب أن تقوم به الحكومة ومن أموالها وليس من أموال الضمان .

نعم، مؤسسة الضمان عليها مسؤوليات اجتماعية يجب أن تتحملها، ولكن هذه المسؤوليات يجب أن تكون محصورة وفق قوانين وتعليمات ، فمن يفقد حياته أثناء العمل، أو من يصاب بعجز كلي أوجزئي، هنا يتجلى دور الضمان في الرعاية الاجتماعية بتوفير دخل ثابت لعائلات من فقدت معيلها الأساسي أو أصيب بعجز كلي أو جزئي .

اجتهادات مؤسسة الضمان بالثلاث سنوات الماضية، تشكل خطورة كبيرة على استمرارية قيام المؤسسة بواجبها الأساسي التي أقيمت من أجله، وهو توفير رواتب تقاعدية تؤمن الحد الأدنى من معيشة كريمة لمتقاعديها .

أخيراً أقول، على مؤسسة الضمان الاجتماعي أن تتريث كثيراً "وليس قليلا " قبل أن تقدم على إجراء تعديلات على قانون الضمان، وعليها أن تصغي جيداً لخبراء من خارج المؤسسة وتأخذ بنصيحتهم، وهذا ما درجت علية إدارات سابقة واستفادت كثيراً من آراء قدمت لها من خارج إطار المؤسسة.(عمون)

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020