حلف الفضول واتفاقيات العمل الدولية .. نفحات نبوية من وحي السيرة النبوية

حلف الفضول واتفاقيات العمل الدولية .. نفحات نبوية من وحي السيرة النبوية



حاتم قطيش - "رنان"
1/9/2022

حلف الفضول هو أحد أحلاف الجاهلية الأربعة التي شهدتها قريش، وقد عقد الحلف في دار عبد الله بن جدعان التيمي القرشي أحد سادات قريش وذلك بين عدد من عشائر قبيلة قريش في مكة، توافق عليه بنو هاشم وبنو تيم وبنو زهرة حيث تعاهدوا فيه على أن: (لا يظلم أحد في مكة إلا ردوا ظلامته). وقد شهد النبي محمد هذا الحلف قبل بعثته وله من العمر 20 عاماً، وقال عنه لاحقًا: «لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت» (ويكيبديا).

الشاهد هنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما نزل عليه الوحي وكلّف بالرسالة ودعوة الناس واخراجهم من الظلمات الى النور لم ينكر جهد غيره في رد المظالم بل وأثنى عليه وقال حينها لو دعيت به في الإسلام لأجبت!!، وهنا نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم - وهو النبي المؤيد بالوحي -  لم يحتكر الخير وأنكره عن غيره بل بالعكس فقد أثنى عليه وذكره بخير، ولو خيّر بين حضور الحلف أو أن يعطى حمر النعم لاختار حضور الحلف في اشارة مهمة الى أهمية الحلف القائم على رد الظلم عن الناس .. كل الناس.

وفي عبارة " ولو دعيت به في الإسلام لأجبت " لفتة في غاية الأهمية، وهي أنه وبكونه نبي مرسل لا يجب أن يكون هو على رأس أي دعوة للخير ولم ينفِ أن الخير موجود عند الآخرين فاختلاف الدين أو العقيدة أو الفكر لا ينفي الخير عن الآخرين، بل ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم الى التأكيد أنه لو تمت دعوته لحضور الحلف لأجاب، بمعنى أنه ما كان ليشترط أن تكون له الزعامة في الحلف بل سيكون حاضراً ومجيباً للدعوة كالآخرين، ومن هنا نجد أن من يقصد الخير ورفع الظلم عن الناس لا يجوز له أن يشترط الزعامة بل يكفيه الجهد ومؤازرة الآخرين والعمل بجد من أجل الهدف الأساس وهو رفع الظلم عن المظلومين.

في العام 1919 تأسست منظمة العمل الدولية القائمة على أساس اشاعة العدالة الاجتماعية ووضعت لذلك ما يسمى معايير العمل الدولية وانبثق عنها العديد من اتفاقيات العمل الدولية التي تهدف الى ارساء العمل اللائق ومكافحة العمل الجبري وحماية الأطفال وتمكين المرأة والشباب وذوي الإعاقة ومكافحة العنف والتحرش في عالم العمل والحق في العمل والأجور العادلة ..الخ، ولو نظرنا الى فحوى كل هذه الأتفاقيات نجد أنها تصب في المعنى الأساسي الذي جاء في حلف الفضول وهو " رفع الظلم " في عالم العمل.

 الدفع باتجاه المصادقة على اتفاقيات العمل الدولية فيه معاونة على رفع الظلم وانخراط في عمل انساني على مستوى العالم، ولا يجوز رفض هذه الاتفاقيات بالكلية كونها صدرت عن أناس مختلفين عنا في الدين والعقيدة والفكرة فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها.

السعي وحث بلداننا على المصادقة على اتفاقيات العمل الدولية التي " ترفع الظلم " وتشيع العدل في عالم العمل لا يعني بالضرورة الموافقة على كل ما جاء فيها وانما نعرضها على كتاب الله وسنة رسوله فما وافقها - وهو الأغلب والأعم - عززناه وأيدناه وما تنافر معها عارضناه و رفضناه وتحفظنا عليه، فنحن نخضع هذه الاتفاقيات لميزان كتاب الله ولا نخضع كتاب الله لميزان منظمة العمل الدولية.

النقابات العمالية اليوم مطالبة بالانسجام مع الموقف الدولي لارساء الحقوق والحريات النقابية والعمالية داخل هيئاتها والدفع باتجاه المصادقة على اتفاقيات العمل الدولية لخلق بيئة عمل لائقة و"رفع الظلم" عن العمال. 


إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020