ضرائب المحروقات .. هل من حلول؟

ضرائب المحروقات .. هل من حلول؟


جلال أبو صالح 
14/12/2022

ما يزال مسلسل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في الأردن يثير جدلاً وغضباً واسعين، بعد بلوغها مستويات قياسية، وإصرار الحكومة على رفعها عدة مرات منذ بداية العام الحالي، ضاربة بعرض الجدار جميع الأضرار والأعباء التي باتت تنخر كاهل المواطنين من كل جانب.
ورغم الانتقادات الشعبية والبرلمانية التي طالت الحكومة خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أنها لم تبالِ وما تزال متمسكة بالضريبة المفروضة على المحروقات (المنتجات البترولية) وعدم إلغائها أو تخفيضها هذه الفترة على الأقل.

وبات ملف الضريبة المقطوعة على المشتقات النفطية يشغل بال مراقبين ومستهلكين في ظل ارتفاع قيمتها مقارنة مع سعر المشتق الأصلي، إذ يؤكد خبراء أن المتضرر الأكبر هو المواطن، حتى لو انخفض السعر العالمي.

اللافت، وبحسب الخبراء، أن الضريبة المقطوعة التي تفرضها الحكومة على المحروقات تتجاوز ضعف قيمة السعر الأصلي للمشتق النفطي لبعض الأصناف، إذ إن الضريبة المقطوعة التي تحصلها الحكومة على مشتق البنزين أوكتان 95 تبلغ 57 قرشاً بينما يبلغ سعره الإجمالي 1.085 دينار، أي أن سعر اللتر الأصلي دون ضرائب يبلغ 51.5 قرش، وذلك يعني أن سعره أقل من الضريبة المقطوعة ذاتها.

أما بالنسبة للبنزين أوكتان 90، فإن الحكومة تفرض على كل لتر ضريبة مقطوعة بمقدار 37 قرشاً فيما يبلغ سعره الإجمالي 85 قرشاً، أي أن سعره دون ضرائب يبلغ 48 قرشاً، وعلى الكاز والديزل تفرض الحكومة ضريبة مقطوعة على كل لتر 16 قرشاً ونصف القرش فيما يبلغ سعره الإجمالي 61.5 قرش، في حين سعره دون ضرائب يبلغ 45.5 قرش.


بالتأكيد أن قيمة الضريبة حالياً غير منصفة، خصوصاً أنها سبب رئيسي لتراجع مستويات المعيشة وزيادة كلف التنقل، وانعكاسها، بشكل مباشر، على أسعار السلع والخدمات، فضلاً عن اعتبارها لغزاً محيراً، ففي الوقت الذي تنخفض فيه أسعار النفط عالمياً؛ فإنها تكون مرتفعة في البلاد مقارنة مع الدول المحيطة.

تاريخياً؛ بدأت أولى شرارات رفع أسعار المشتقات النفطية عندما حررت الحكومة الأسعار بشكل متدرج منذ 2017، بحجة توفير حوالي 600 مليون دولار حينها، شملت رفع الدعم عن المحروقات التي لحقتها سلسلة طويلة خلال الأعوام الماضية من فرض للضرائب والرسوم، استجابة لشروط صندوق النقد الدولي بما يسمى "رفع الدعم".

التحرير أو ما تسميه الحكومة "رفع الدعم وإزالة التشوهات في الموازنة" يأتي، كما بررته، استجابة لبرامج "التصحيح الاقتصادي" التي وضعها صندوق النقد الدولي والذي بدأ علاقته مع الأردن منذ 1989، ورسم خلالها جوهر السياسات الاقتصادية للحكومات الأردنية المتعاقبة التي طبقت هذه الوصفات، وقامت برفع أسعار ورسوم سلع أساسية.

برأيي؛ أن تحرير أسعار المشتقات النفطية وفرض ضرائب عليها عاد بنتائج وخيمة على الاقتصاد الأردني، بعد أن بات المنتج المحلي الأردني غير منافس بسبب رفع كلف الإنتاج عليه، ناهيك عن ما تسببه فرض ضريبة خاصة على المحروقات برفع أسعار سلع عديدة في السوق، وصولاً إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين بسبب ارتفاع العبء الضريبي.

خلاصة الموضوع، أن ارتفاع الضرائب على الأردنيين سيزيد من رصيد السخط الشعبي على سياسات رفع الأسعار من دون توفير أي بدائل لهم، ما يتطلب حالاً وضع استراتيجية واضحة في برامج الإصلاح المالي، مع ضرورة مراجعة نسبة الضريبة المفروضة على المشتقات النفطية في المملكة، إذا ما أرادت الجهات الرسمية تخفيض تكلفة الطاقة على القطاعات الاقتصادية المختلفة والمستهلكين وتحفيز وجذب الاستثمارات، والأهم الحفاظ على مواطنيها وخدمتهم.

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020