حاتم قطيش - رنان
6/3/2023
- أن تُدار النقابات بمن تبقى من أعضاء الهيئات الإدارية السابقة دون إضافة أي عضو جديد إليها.
- منع النقابات من فتح باب التنسيب أو عقد الانتخابات أو متابعة قضايا العمال الذين يعملون داخل (إسرائيل) الخط الأخضر.
لقد أدرك الإحتلال الصهيوني أن وجود نقابات عمالية كرتونية منزوعة الدسم مقيدة الأيدي خالية من الطاقات الشبابية هو الخيار الأفضل من إغلاق هذه النقابات تماماً؛ فغياب لافتة النقابات العمالية سيكون دافعاً للنضال العمالي وستبقى مسألة انفجار المطالبات العمالية بالحقوق هي مسألة وقت، لذلك فقد لجأ الاحتلال الى معاودة فتح النقابات العمالية في قطاع غزة ولكنه أراد لها أن تكون جسماً بلا روح فأغلق الباب أمام تجديد الدماء من خلال تقنين وتحديد الانتساب وتعطيل الانتخابات، وبالتالي تحولت هذه النقابات الى مأوى ومصدر رزق لبعض كبار السن الذين هم على استعداد لتقديم أية تنازلات في سبيل الحفاظ على الامتيازات التي تحققها النقابات العمالية لهم ولعائلاتهم.
فلسفة النقابات العمالية تتعارض مع الفلسفة الاحتلالية
لقد كانت الثورة الصناعية وما واكبها من ظروف عمل استعبادية للعمال هي الشرارة التي أوقدت جذوة النضال في نفوس العمال الأحرار، فالنفوس الحرة لا تقبل الخضوع والانقياد والظلم ولا تلبث أن تثور على الظالم وتنعتق من قيود العبودية، لذلك فإن مجرد ذكر اسم النقابات العمالية ينصرف الى الذهن كل معاني الحرية ورفض الظلم والاستعباد.
ومن نافلة القول أن المبادئ الأساسية التي تقوم عليها النقابات العمالية تنطلق من كونها حقوق انسان، فكان الدور الأساس للنقابات العمالية هو الدفاع عن الحقوق العمالية التي هي بأساس حقوق انسان، وفي مقدمتها حرية التنظيم النقابي.
ان من مبادئ حرية التنظيم النقابي أن يمارس العمال حقهم في تأسيس أو الانتساب للنقابات العمالية دون قيد أو شرط أو تعطيل أو تعجيز، ثم يمارسون أيضاً حقهم في انتخاب ممثليهم بحرية ودون املاء أو توجيه من أي أحد أو جهة، ثم بعد ذلك يمارسون حقهم - بل واجبهم- في مراقبة القيادات النقابية المنتخبة.
ان كل هذه المعاني الراقية تتعارض وتتعاكس مع مفهوم العقلية الاحتلالية، فكما حرص الاحتلال الصهيوني على تكبيل الحريات النقابية من خلال منع الانتساب للنقابات العمالية في قطاع غزة وتعطيل الانتخابات النقابية فيها؛ فإن تنفيذ مثل هذه الاجراءات القمعية الاحتلالية لا يحتاج الى بزة العسكري الصهيوني وسلاحه بل يحتاج الى عقلية قمعية دكتاتورية لا تؤمن بالحريات.
الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية
ان الكيانات النقابية العمالية التي تقوم على حرية التنظيم النقابي ويتمتع العامل فيها بحرية انتخاب ممثليه ومراقبتهم ومحاسبتهم وتعتبر الحوار بين الهيئات الادارية والعامة هي اللغة الوحيدة المصرح بها داخل هذه الكيانات ولا تؤمن بالاقصاء وتكميم أفواه المعارضين؛ أقول ان هذه النقابات هي الجديرة بأن تلتفت اليها الحكومات وتخوض معها حواراً اجتماعياً تشارك وتؤثر النقابات العمالية من خلاله في تحسين وتجويد التشريعات الناظمة وتقويم وتصحيح الاجراءات والتوجهات الحكومية الاصلاحية، بل ان هذه النقابات تساعد وتمكن الحكومات من مجابهة التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
أما الحق في المفاوضة الجماعية فإنه السلاح الأقوى بيد العمال إذ يفوضون فيه قياداتهم النقابية التي انتخبوها ونقاباتهم العمالية التي اختاروا الانضمام اليها وساهموا بوضع دستورها؛ ان وجود مثل هذه النقابات العمالية تعتبر بيئة جاذبة لانضمام وانتساب العمال بحيث تشكل في هذه النقابات كثافة نقابية تؤهلها لخوض المفاوضة الجماعية باسم جموع العمال؛ أما أن يقيد تأسيس والانضمام للنقابات و تعطل الانتخابات النقابية و لا يشارك العمال في وضع وتعديل دساتير نقاباتهم ويمنعوا من توجيه الانتقاد للقيادات النقابية، فإن مثل هذه النقابات تسير بالعقلية والنهج الذي أسس له الاحتلال الصهيوني في تعامله مع النقابات العمالية.
التنمية تحتاج نقابات عمالية قوية
وجود كيانات نقابية عمالية قوية تحترم الحريات النقابية وتنتهج الحوار الاجتماعي وتعتمد على التشاركية واستثمار الطاقات والخبرات النقابية؛ ستكون وبلا أدنى شك مساهماً فاعلاً في عملية التنمية وابتكار حلول للتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وستشكل رافعة مهمة في نهضة الوطن؛ وهذا بالضبط ما لم يكن يريده الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة .. وبالقياس فإن القيادات النقابية التي لا تؤمن بالحوار وتعطل الانتخابات النقابية وتقنن الانتساب للنقابات نوعاً وكماً وتضيق ذرعاً بالمعارضة العمالية وتفضل أسلوب اصدار "الفرامانات" النقابية على التشاركية الفعلية وتلعب دوراً سلبياً ومتواطئاً في تعديلات التشريعات الناظمة للطبقة العمالية؛ انما هي قيادات نقابية تنفذ أجندة احتلالية صهيونية - بقصد أو بغير قصد - تهدف الى تقويض مساعي التنمية وتحارب الحريات وتشيع الظلم وتكميم الأفواه والديكتاتورية في بلداننا العربية.
إرسال تعليق