حاتم قطيش - رنان
26/3/2022
المطلع على التعديلات الأخيرة على النظام الموحد للنقابات العمالية يجد توجهاً ملحوظاً لدى قيادة النقابات العمالية وبالأخص " المؤتمر العام " بتذليل العقبات أمام تشكيل الهيئات الادارية للنقابات العمالية بالتزكية ووضع شروطاً اضافية قد توصف بالتعجيزية لمن يرغبون بالفوز بالانتخابات النقابية عن طريق صندوق الاقتراع.
بداية لا بد من الاشارة أن النظام الموحد للنقابات العمالية قد وضح المقصود بفوز الأعضاء بالتزكية من خلال المادة (50) من النظام والتي تنص على :
" إذا كان عدد المرشحين الذين تقدموا بطلباتهم خلال فترة باب الترشيح أقل من العدد المطلوب يمدد فتح باب الترشيح لمدة يوم آخر، أما إذا كان هو نفس العدد المطلوب أعلن عن فوز المرشحين بعضوية الهيئة الإدارية بالتزكية من قبل اللجنة المشرفة على الانتخابات".
اذاً وبحسب النظام فإننا لن نصل الى التزكية الا بعد أن يقدم الراغبون بالترشح طلبات رسمية وانطباق شروط الترشح عليهم ثم وبعد إغلاق باب الترشح يتم النظر في عدد الطلبات المقدمة فإن هي وافقت عدد مقاعد الهيئة الإدارية يتم الإعلان أن جميع المرشحين المحققين لشروط الترشيح قد فازوا بعضوية الهيئة الادارية بالتزكية.
وبالنظر الى المادة (45) من النظام الموحد والمختصة بشروط الترشح لعضوية الهيئة الإدارية نجد أن النظام قد حدد سبعة شروط لمن يرغب بالترشح للانتخابات وهي :
1- أن يكون عضواً عاملاً مضى على إنتسابه للنقابة مدة خمس سنوات على الأقل ومسدداً لاشتراكاته بانتظام حتى تاريخ تقديم الطلب.
2- أن يكون أردني الجنسية.
3- ألا يقل عمره عن ثلاثة وعشرين عاماً.
4- أن يجيد القراءة والكتابة.
5- ألا يكون محكوماً بجناية أو جنحة مخلة بالشرف.
6- يدفع المرشح رسوم الترشيح وقيمتها " خمسة وعشرون ديناراً" للنقابة تصرف على الانتخابات.
7- أن لا يكون منتسباً لأي نقابة عمالية أو مهنية أخرى.
من خلال التعديلات الأخيرة التي تمت على النظام " تعديلات 2022" نجد أن الشرط الأول قد تم تعديله بزيادة شرط الانتساب المنتظم للنقابة من سنتين الى خمس سنوات ، ونجد أن هذه الزيادة لا فائدة منها الا تقليل عدد الأشخاص الذين يحق لهم الترشح للانتخابات وتفتح الباب على مصراعيه لاقصاء المعارضين من النقابة، بحيث لو أن عضواً تم تجميد عضويته شهراً واحداً فقط فإنه لا يحق له الترشح للدورة الانتخابية القادمة كونه لم يتم خمس سنوات كاملة منتظماً وسينتظر الى الدورة التي تليها مما يعني أن فترة انتظاره قد تمتد الى عشر سنوات!! .. تخيل أن تجميد شهراً واحداً سيحرمك من الترشح لعشر سنوات.
من ناحية أخرى نجد أن هذه الزيادة تقصي الشباب وتبعدهم عن الترشح للانتخابات النقابية كونها تزيد - من الناحية العملية - من سن الترشح ويصبح الشرط الثالث الذي يحدد العمر ب 23 عاماً لا معنى له في ظل عدم استيفاء العامل لخمس سنوات كاملة عضواً منتظماً في النقابة.
ولا بد من الاشارة الى أن الشرط السادس من شروط الترشح قد تم تعديله ضمن تعديلات 2020 برفع رسوم الترشح من عشرة دنانير الى خمسة وعشرين ديناراً؛ الأمر الذي يعتبر عقبة اضافية أمام الشباب من الترشح للانتخابات، خاصة وأن معظم الشباب يعملون ضمن الحد الأدنى للأجور بمعنى أن رسوم الترشح للانتخابات يعادل عُشر راتبه الشهري.
أما الشرط السابع من شروط الترشح فقد تم اضافته أيضاً ضمن تعديلات 2020 وكان من آثاره حرمان شريحة واسعة من النشطاء النقابيين المميزين من خوض الانتخابات النقابية كونهم منتسبين للنقابات المهنية.
بالنظر الى هذه التعديلات الاضافية نجد أنها تصب فقط في حرمان شرائح كبيرة من العمال من خوض العملية الانتخابية، وما يؤكد هذا الافتراض هو الاضافة الغريبة العجيبة الى شروط الترشح للانتخابات من خلال اضافة فقرة (ب) للمادة (45) والتي تنص على :" يستثنى من الفقرة (أ) من هذه المادة البنود (1 و 3 و 6 و7) النقابات التي تفوز بالتزكية".
بمعنى أن النقابات التي تفوز بالتزكية لم يعد مهماً المدة الزمنية التي قضاها العامل منتسباً للنقابة فمن انتسب اليوم بامكانه أن يكون عضواً في الهيئة الادارية اليوم التالي بينما زميله الذي يخوض الانتخابات قد يلزمه عشر سنوات ليستحق الترشح لعضوية الهيئة الادارية.
كما أن العمر لم يعد مهماً كشرط من شروط الترشح فيمكن لمن كان عمره 16 سنة أن يكون عضواً في الهيئة الادارية للنقابة ان تم تشكيلها بالتزكية ، كما تم اسقاط شرط عدم عضوية نقابة عمالية أو مهنية كشرط من شروط الترشح للنقابات التي يتم تشكيلها بالتزكية ، وفوق كل هذا يتم اعفاء هؤلاء "الفائزين بالتزكية" من رسوم الترشيح للانتخابات!!!
النقطة المهمة التي يجب الالتفات اليها وهي أن المادة (45) تتحدث عن شروط الترشح بمعنى أنه يفترض أن لا يقبل أي طلب من أي عامل الا إذا استوفى هذه الشروط كاملة وهذا ما استقر عليها التطبيق العملي خلال السنوات الماضية، والمادة 50 تتحدث أنه وبعد اغلاق باب الترشح يتم النظر بطلبات الترشيح فإن وافقت عدد مقاعد الهيئة الادارية يتم اعلان فوز المترشحين بالتزكية.
اذاً فإن اعفاء النقابات الفائزة بالتزكية من شروط الترشح غير منطقية كون اعلان الفوز بالتزكية يكون بعد اغلاق باب الترشح ولا يجوز الترشح الا باستيفاء كافة الشروط، فكيف علمت لجنة الانتخابات أن هذه النقابة ستفوز بالتزكية لتعفي المترشحين من شروط الترشح للانتخابات!!
وبعد .. ما هي الرسالة المقصودة من هذه التعديلات وما هي شكل الهيئات الادارية التي يريدها أعضاء المؤتمر العام ولماذا كل هذه الشروط التعجيزية أمام الانتخابات النقابية، وما الهدف من ترسيخ شيخوخة النقابات العمالية وتطهيرها من الشباب الا أولئك الشباب الذين يتمتعون بمواصفات خاصة - مواصفات التزكية- ثم أين الحديث عن تمكين العمال الشباب وتمكين المرأة العاملة وتفعيل النقابات العمالية وكيف سيتم اقناع الشباب من الانتساب للنقابات العمالية اذا كان عليهم الانتظار لسنوات طويلة قبل السماح لهم من التقدم للمواقع القيادية في النقابات، وهل هذه الانتكاسات المتعددة على أنظمة النقابات العمالية تحقق أهداف المنظمات الدولية العاملة مع هذه النقابات!!، ثم أين العمال من كل ما يجري وأين أعضاء اللجان النقابية وأين أعضاء المؤتمر العام ليبرروا أو يتنصلوا من هذه التعديلات.
للاطلاع على تعديلات أنظمة النقابات العمالية والاتحاد العام للعام 2022 انقر ( هنا )
إرسال تعليق