الوطني لحقوق الانسان: الهيئات العامة والادارية في النقابات العمالية مجرد أدوات لتنفيذ تعليمات الاتحاد

تقرير حالة حقوق الانسان

  

رنان - 8/8/2024


أصدر المركز الوطني لحقوق الإنسان تقريره السنوي العشرين لحالة حقوق الإنسان في الأردن للعام 2023؛ وكما هي العادة فإن انتهاكات النقابات العمالية حاضرة في التقرير من خلال رصد المركز لانتهاكات تتعلق بحقوق الانسان في النقابات العمالية علماً أن بعض هذه الانتهاكات تكاد لا تخلو تقارير المركز المتتالية عن ذكرها نظراً لاستمرار هذه الانتهاكات وعدم أخذ أية اجراءات لإنهاء هذه الانتهاكات.


التشريعات والحق في تأسيس النقابات العمالية والانضمام إليها


أكد تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان أن الحق في تأسيس والانضمام للنقابات العمالية هو أحــد الحقــوق الأساســية التــي كفلتــه المواثيــق الدوليــة والوطنيــة  لحقــوق الإنســان؛ وتعتبــر النقابــات المهنيــة والعماليــة مــن أهــم قاعــات ومؤسســات المجتمــع المدنــي، لتمثيلهــا شــرائح واســعة مــن المجتمــع؛ إذ يتعــدى دورهــا مجــرد الدفــاع عــن مصالــح أعضائهــا والشــريحة التــي تمثلهــا فهــي هيئــات فاعلــة تمــارس دور المشــاركة فــي إدارة الشــؤون العامــة وفــي التوجيــه والتوعيــة الفاعلــة بخطـط التنميـة الإقتصاديـة والإجتماعيـة والسياسـية.

وقد أشار التقرير أن العام 2023 لــم يشــهد أي تطــور فيمــا يتعلــق بتعديــل التشــريعات الناظمــة لهــذا الحــق؛ علــى الرغــم مــن التوصيــات المتكــررة للمركــز فــي تقاريــره الســنوية الســابقة الهادفــة إلــى تمكيــن الأفــراد مــن ممارســة هــذا الحــق، والتــي يمكــن حصرهــا بالتالــي: 

-  الإنفــاذ التشــريعي والعملــي لقــرار المحكمــة الدســتورية رقــم (2013/6) تاريــخ 2013/9/1 والقاضـي بجـواز إنشـاء نقابـات خاصـة للموظفيـن فــي أيــة وزارة أو دائــرة أو هيئــة أو مؤسســة حكوميــة وإن كانــوا مــن الموظفيــن الخاضعيــن لنظــام الخدمــة المدنيــة.
-  إزالــة العوائــق التشــريعية لممارســة الحــق فــي تأســيس النقابــات العماليــة والإنضمــام اليهــا الــواردة فــي الفصــل الحــادي عشــر مــن قانــون العمــل رقــم (8) لســنة 1996 وتعديلاتــه؛ والتــي تتمثــل إشــكاليتها الأبــرز فــي تقييــد الحــق فــي  إنشــاء نقابــات جديــدة وفقــا لقــرار تصنيــف المهــن واشــتراط الحصــول علــى الترخيــص المســبق للحصــول علــى الإعتــراف بالشــخصية القانونيــة ً للنقابــة، وهــو مــا يشــكل اساساً قانونياً مخالفــا ً لجوهــر هــذا الحــق وفقــا للدســتور الأردنــي والمعاييــر الدوليــة.

التراجع عن الغاء وزارة العمل وتفعيل التفتيش 


عُلى صعيد آخر أكد التقرير أن النقابات العمالية تعــد مؤسســات اجتماعيــة فاعلــة ولهــا دور حيــوي فــي البنــاء والمشــاركة مــن أجــل تحقيــق أهــداف التنميــة المســتدامة 2030 التــي مــن شـأنها تطبيـق معاييـر العمـل اللائقـة ومحاربـة الفقـر، كمـا أنهـا ملجـأً لتجمـع العمـال علـى اختـلاف أجناسـهم وانتماءاتهــم ومهنهــم دون تمييــز، حيث شــهد العــام 2023م تراجــع الحكومــة عــن إلغــاء وزارة العمــل، ويــرى المركــز الوطنــي أن بقــاء وزارة العمــل وتفعيــل دورهــا الإســتراتيجي مــن شــأنه المحافظــة علــى تــوازن ســوق العمــل وتطبيــق معاييــر العمــل الأردنيــة التــي نــص عليهــا قانــون العمــل الأردنــي وقانــون الضمــان الإجتماعــي.
 ويأمــل المركــز تعزيــز دور وزارة العمــل الرقابــي المتعلــق بالتفتيــش علــى المخالفيـن للقانـون لحمايـة العمـال الذيـن ابتعـدوا عـن الإنخـراط فـي العمـل النقابـي لقناعتهـم بعـدم جـدوى دور النقابــة فــي الدفــاع عــن حقــوق منتســبيها. وينحصـر عـدد النقابـات العماليـة بـــ (17) نقابـة عمالية يقابلهـا (58) نقابــة لأصحــاب العمــل، مــن شــأنه أن يســهم فــي إضعــاف الحركــة النقابيــة العماليــة.

الحد الأدنى للأجور 


صــدر قــرار اللجنــة الثلاثيــة لشــؤون العمــل بالإبقــاء علــى الحــد الأدنــى للأجــور عنــد (260) دينــاراً للأعــوام 2023م - 2024م علــى أن يتــم إعــادة النظــر بالحــد الأدنــى للأجــور مــن قبــل اللجنــة بدايــة العــام 2025م لإعـادة احتسـابه بحيـث يتـم زيـادة الحـد الأدنـى للأجـور والبالـغ حاليـاً (260) دينـاراً بإضافة نسـب التضخـم تراكمياً للســنوات 2022م - 2024م. 

تعديلات قانون العمل


وعلـى الرغـم مـن تعديـل قانـون العمـل لمـا يزيـد عـن (12) مرة كان آخرها في شـهر نيسـان لعام 2023م، وقـد أشـار إليهـا المركـز في تقاريره السـنوية السـابقة، والتـي جـاءت علـى النحـو الآتـي:

1-  حرمـان العامليـن مـن الاسـتفادة مـن أدوات فـض النزاعــات الجماعيــة فــي المــادة (2) مــن خــلال تعديــل تعريــف النــزاع العمالــي الجماعــي حيــث تــم حــذف "مجموعــة مــن العمــال" مــن التعريــف الأصلــي الــذي كان كالآتــي:
( النــزاع العمالــي هــو: كل خــلاف ينشــأ بيــن مجموعــة مــن العمــال أو النقابــة مــن جهــة وبيــن صاحــب عمــل أو نقابــة أصحـاب العمـل مـن جهـة أخـرى حـول تطبيـق عقـد عمـل جماعـي أو تفسـيره أو يتعلـق بظـروف العمـل وشــروطه) وتــم اقتصــار التعريــف علــى العمــال الذيـن لديهـم نقابـات عماليـة، خاصـة وأن الغالبيـة الكبــرى مــن العامليــن محرومــون مــن التمثيــل النقابــي.

2-  حرمــان العامليــن الذيــن ليــس لديهــم نقابــات مــن حـق المفاوضـة الجماعيـة فـي المـادة (44) حيـث تـم "إلغـاء" حـق أي مجموعـة مـن العمـال مـن أن  تنشـئ نزاعـاً عماليا للدفـاع عن حقوقها ومصالحها، ومنـح هـذا الحـق فقـط للنقابـات، مـع العلـم أن عـدد العامليــن فــي الأردن الذيــن ينتســبون لنقابــات عماليـة لآ يتجـاوز (60) ألـف عامـل مـن أصـل (2.5) مليــون عامــل، وبالتالــي فــإن غيــر المنتســبين أو الذيــن ليــس لديهــم نقابــات مــن الفئــات الأشــد عرضــة لانتهــاك حقوقهــم ومصالحهــم.

3-  تكريـس القيـود علـى تشـكيل نقابـات عماليـة تدافع عــن مصالحهــم بحســب المــادة (98) التــي أعطــت الصلاحيـة لوزيـر العمـل بوضـع تصنيـف للصناعـات والأنشــطة الاقتصاديــة التــي يجــوز فيهــا تشــكيل نقابـات عماليـة.

4-  منـح القانـون الاتحـاد العـام لنقابـات العمـال الحـق في وضــع النظــام الداخلــي للاتحــاد والنقابــات معــاً ولــم يتـرك للنقابـة (سـواء الهيئـة العامـة أو الهيئـة الاداريـة) أي دور تنظيمــي للنقابــة، فهمــا مجــرد أداة لتنفيــذ تعليمــات الإتحــاد العــام للنقابــات الــذي يوجــه ضــده الكثيـر مـن الشـكاوى مـن قبـل تجمعـات عماليـة عديـدة منهــا النقابــات المســتقلة للعمــال،(المادة 100).

5-  إعطــاء الحــق لوزيــر العمــل بحــل النقابــة إذا مــا توافــرت أســباب معينــة المــادة (116).

مخالفة الدستور وتعطيل حرية التنظيم النقابي


يجــدد المركــز في تقريره التأكيــد علــى أن تعديلات مواد قانون العمال آنفة الذكر تخالـف نصـوص الدسـتور؛ إذ تقـر المـادة (16) منـه حـق الأردنييــن فــي تأليــف الجمعيــات والنقابــات والأحــزاب السياســية علــى أن تكــون غايتهــا مشــروعة ووســائلها سـليمة وذات نظـم لا تخالـف أحـكام الدسـتور. 
كمـا تقـر المــادة (23) من الدستور علــى الحــق فــي التنظيــم النقابــي الحــر، وتنــص المــادة (128) مــن الدســتور أيضــا أنــه لا يجــوز أن تؤثــر القوانيــن التــي تصــدر بموجــب هــذا الدســتور لتنظيــم الحقــوق والحريــات علــى جوهــر هــذه الحقــوق أو تمــس أساســياته. كمــا أنهــا مخالفــة لمعاييــر العمــل الدوليـة، والعهـد الدولـي الخـاص بالحقـوق الاقتصاديـة والاجتماعيــة والثقافيــة، وكذلــك قــرار المحكمــة الدســتورية رقــم (2013/6)، الــذي أعطــى الحــق لجميــع العامليــن فــي القطــاع العــام بحريــة تنظيــم أنفســهم بنقابــات عماليــة، إذ أنــه مــا يــزال قيــد التعطيــل.

ثبات عدد النقابات العمالية وتزايد نقابات أصحاب العمل


يفيد تقرير حالة حقوق الانسان أن العام 2023 لـم يشـهد  أية مبـادرة حكوميـة لإصدار قانـون ينظـم العمـل النقابـي للموظفيـن العمومييـن، وتشــير القيــود الرســمية فــي وزارة العمــل إلــى الموافقــة علــى تســجيل نقابــة أصحــاب مراكــز التربيــة الخاصــة ليصبــح عــدد نقابــات أصحــاب العمــل (58) نقابــة.

توصيات تقرير حالة حقوق الانسان بخصوص النقابات العمالية


لحمايــة الحــق فــي تأســيس النقابــات والانضمام اليهــا يؤكــد المركــز الوطنــي لحقــوق الإنســان علــى توصياتــه الــواردة فــي تقاريــره الســنوية الســابقة، ويوصــي أيضــا بمــا يلــي: 

*  تعديل قانون العمل بما يجعله منسجماً وأحكام الدستور والمعايير الدولية وأهمية بلورة رؤى توافقية بين كافة الجهات حول مضامين التعديلات قبل المضي في إجراءاتها الدستورية.
 * إعادة النظر في التصنيف المهني لتشكيل النقابات العمالية، بحيث يسمح لأي مجموعة عمالية تنظيم نفسها بكل سهولة ويسر. 
*  تفعيل دور الهيئة العامة في النقابة ورفع كفاءة أعضائها، وتأسيس وحدة استثمار في كل نقابة لتتولى مهام استثمار أموال صناديق النقابة لتحقيق عوائد تضمن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها مع الحفاظ على القيمة الحقيقية للموجودات وأصولها.


إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020