بقلم حدمين أعمرفال - موريتانيا
09/10/2024
تعتبر المنظمات النقابية كما هو معروف إحدى أطراف الإنتاج الثلاثة ( الدولة- أرباب العمل- العمال )، كما تعتبر النقابات أيضا الطليعة النضالية التي تهدف إلى الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للعمال، بالإضافة لكونها تهدف إلى خلق الرفاه للجميع، وتحسين ظروف المواطنين على الصعيدين الإقتصادي والاجتماعي وخلق مناخ ملائم للعيش الكريم، ضف إلى ذلك بأن وجود التنظيم النقابي يعني أن يجد العمال هيئات قانونية يمكنهم من خلالها طرح جميع المشاكل التي يتلقونها داخل أماكن عملهم.
إلا أن جل التنظيمات النقابية الوطنية لا تتماشى مع الأدوار والأهداف المحددة لها اصلا، إذ لم تعد مهمتها تتلخص في الدفاع عن حقوق العمال المادية والمعنوية، والدليل على ذلك هو أن بعض هذه المركزيات النقابية غالبا ما تنحاز لأرباب العمل على حساب العمال، فالمركزيات النقابية الجادة هي التي تنحاز إلى العمال في مواجهة الحكومة وأرباب العمل.
في السنوات الأخيرة المنصرمة عرفت التنظيمات النقابية بعض الانتهاكات الكبيرة والسافرة في مجال حقوق العمال وممثلياتهم النقابية، منها على سبيل المثال عدم تطبيق النصوص المعمول بها في البلد، وعدم السهر على تطبيقها من طرف الحكومة، وخنق الحريات النقابية واستهداف النقابيين أصحاب المواقف والنضالات والدفاع عن حقوق العمال والمهمشين، وكذلك منع العمال من طرف بعض المؤسسات من الانتماء للمركزيات النقابية والتدخل في اختيار العمال أنفسهم لمن يمثلهم في الأقسام النقابية وفي اختيار مناديبهم وعدم المفاوضات الجماعية المفتوحة مع ممثلي العمال، ومع المركزيات النقابية؛ وكان ذلك يؤثر على العمال بشكل كبير نتيجة ظهور الممارسات التعسفية وخنق الحريات النقابية ومنعهم من حق التنظيم والمفاوضة الجماعية حيث تم تعليق القانون أنذاك المنظم لانتخاب مناديب العمال وذلك من خلال مذكرة إدارية من مدير الشغل، الشيء الذي يشكل خرقا سافرا للحريات النقابية وحرمان العمال من الآلية القانونية للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية نتيجة لتجميد مقتضيات القانون طلية السنوات الماضية، وهذا مخالف للمادة 118 من مدونة الشغل الموريتانية.
الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا CLTM كانت أكثر المنظمات تعرضا للممارسات التعسفية و الصعوبات والأزمات من طرف الحكومة أنذاك وتم استهدافها بشكل مباشر، والتضييق عليها ومحاصرتها من كل الامتيازات والحقوق الأساسية التي لها الحق فيها من تمويل وتشاور وما إلى ذلك، حتى وصل الأمر إلى محاصرة أمينها العام وتوقيفه جبريا عاما كاملا بسبب مواقفه الراديكالية والمنحازة دائما إلى الوسط العمالي؛ وهذا ما يؤكد لنا بأن الحقوق تنتهك بشكل واضح وكأن الاتفاقيات الدولية والنصوص والمواثيق التي كانت الحكومة الموريتانية قد صادقت عليها وتعتبر جزءا منها بقيت حبرا على ورق مضروب بها عرض الحائط.
إن النظام في الفترة المنصرمة (نظام العشرية) اعتبر أن هذه المركزيات النقابية عميلة للجهات الخارجية وتتلقى منها الدعم المادي والمعنوي وبالتالي تخلت عن دورها المنوط بها والمنشأ لها أصلا وبالتالي وضع بعض قيادات هذه المركزيات النقابية تحت الرقابة القضائية مدة سنة فيما ترى بعض الجهات ذي صلة بالمجال العمالي والنقابي بأن العمل النقابي بشكل عام يعاني من عدة مشاكل، منها ماهو متعلق بالنقابات نفسها وهو ضعف تكوينها للعمال وتأطيرهم من جهة والعمال كذلك من شدة ضعف التكوين والتأطير صاروا لا يعرفون مالهم وماعليهم اتجاه المركزيات النقابية المنتمين إليها، ويتجلى ذلك في عدم دفع الاشتراكات المالية اتجاه النقابة، والمشكلة الأخرى هي أن الحكومة تقوم بتسييس العمل النقابي وجعله تحت مظلتها والسعي دائما والوقوف دونه حتى لا يؤدي مهمته المنوطة به المتمثلة في الدفاع عن حقوق العمال المادية والمعنوية والعمل على تطبيق نظم الشغل ومعايير العمل،
ولا يفوتني هنا أن أعرج على أن العمل النقابي هو عمل تطوعي واختياري ، نصرة للطبقة العاملة بشكل عام والدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية، وقد بات فعلا من الواجب ضرورة المساهمة فيه بشكل أو بآخر ، وهنا أشير إلى أن الباب يبقى مفتوحا لولوج هذا العمل التطوعي، والذي يعتبر ركيزة أساسية ومهمة ومحورية داخل الميدان النقابي، وكما أنه يعتبر مدرسة متشعبة وبها جميع المواضيع ذات الصلة، السياسية ، الاقتصادية، الاجتماعية ،الثقافية ، الفكرية وهذه المجالات غالبا ما تجتمع وتنحصر في المدرسة النقابية.
هنا أود أن أشير إلى أن لدي اقتراحات إذا أخذت بعين الاعتبار فستحد من المعوقات الحادة التي تعيق العمل النقابي بشكل أو بآخر، ومن تلك الإقتراحات التي أرى بأنها قد تساعد في حلحلة بعض الإشكالات المطروحة حتى تتمكن النقابات من التغلب على هذه التحديات والإنتهاكات والخروقات وهي:
– أولا: اهتمام السلطات المحلية بمتابعة وفرض النصوص المعمول بها في مجال العلاقات الاجتماعية والمهنية بين العامل ورب العمل.
– ثانيا: ترك الحرية المطلقة للعمال من أجل حسم اختياراتهم لمن يمثلهم من بينهم وفي اختيار المركزية النقابية التي يختارون الانتماء إليها, وكما أن للعمال الحق في الإضراب والعمل بمقتضيات الاتفاقيتين السابعة والثمانون والثامنة والتسعون من الاتفاقيات الثمانية المنظمة لمنظمة العمل الدولية.....(87/98)
- ثالثا: ومن باب نصرة المظلوم وكماهو معروف ويشار إليه في أكثر من حالة وانطلاقا من الحديث الذي يقول "انصر أخاك ظالما أو مظلوما "، هنا نجد ونستنبط بأن ضرورة حماية المظلوم, ونعني هنا في هذا السياق العمال لأن في الغالب هم من يتعرضوا للظلم والاضطهاد، لذلك تأتي المبادرة وهي الولوج في العمل النقابي دفاعا عنهم وحماية لهم حتى ينالوا حقوقهم .
إضافة إلى توفير الحماية والرعاية القانونية للعمال ، تدريبات ، تكوينات ذات الصلة بالموضوع إذ أن المركزيات النقابية تعتمد في سياساتها على معايير إن هي اختارت أن تكون سيدة في الميدان والواقع والحصول على المصداقيه الوطنية والخارجية عن طريق الشركاء هذا من باب الصدق والأمانة.
والهدف من هذا كله هو الوضع المقبول واللائق لدى العمال في جميع الاصعدة .
Hademin Amar Vall
إرسال تعليق